روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات نفسية | حياتي بلا معنى.. فقدان التفاؤل وفتور الحماس

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات نفسية > حياتي بلا معنى.. فقدان التفاؤل وفتور الحماس


  حياتي بلا معنى.. فقدان التفاؤل وفتور الحماس
     عدد مرات المشاهدة: 2883        عدد مرات الإرسال: 0

السؤال .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشكر لكم هذا الجهد المبارك، وإتاحتَكم الفُرْصة لنا باستشارة الثِّقات أمثالكم.. أنا فتاة عمري 23 سنة، لا أشعر بمعنى الحياة، ولا أستمتع بها، أستفيق كلَّ يوم وليس لي حماسٌ، ولا اهتمام بشيء، أنظر إلى كلِّ ما حولي على أنه لا شيء، ولا يُثير اهتمامي، كيف أستشعر معنى الحياة، وقيمة وجودي؟

حاليًّا أنا طالبة في السنة التحضيرية، ومعلِّمة قرآن للبراعِم، لا أحبُّ وظيفتي؛ فمُيولي العمَليَّة تتَّجه إلى الحاسب؛ من إدخال البيانات، أو السكرتارية... إلخ، باختصار كل ما هو بعيد عن التَّعامل مع الناس، مع العلم أنني عَمِلت مُدَّة في إحدى المكتبات لخدمات الكمبيوتر النِّسائية، وتعامُلي مع العملاء كان جيِّدًا جدًّا، ولكنِّي تركتُ العمل؛ لطول فترة الدَّوام وقلَّة الأجر.

 وبالنسبة للدراسة فقد أُتِيحت لي بعد 5 سنوات من تخَرُّجي؛ لظروفي المادِّية، والخيارات المُتاحة أمامي قليلة، أرغب في مجال الإدارة والاقتصاد، ولكني متخوِّفة أن يكون التخصُّص أكبر من قدراتي، أشكُّ في قدراتي الذِّهنية؛ فأنا كثيرة النِّسيان بطيئة الاستيعاب، وكثيرًا ما أشعر أني غبيَّة، على الرغم من تمَيُّزي في كلِّ مراحلي الدراسية، وحصولي على الامتياز والمراتب الأولى! شَكِّي في قدراتي الذهنية ومستوى ثقافتي يَجْعلني أنسحب من الكثير، وأرغب في تطوير هذا الجانب، ولا أعرف السبيل.

 بالنسبة للتخصُّص أحتار في الاختيار بين ما يَطْلبه سوق العمل وبين ما أعتقد أنني أهواه، وقد أعمل به؛ من الخياطة والتفصيل للملابس الجاهزة وملحقاتها، وقَوْلي: "أعتقد أني أهواه"؛ لأنَّني لم أُجرِّب هذه الهواية عمَليًّا، فالمَعاهد مُكلِّفة، ولا يمكنني الالتحاق بها، وأنا أملك تجاه هذا التخصُّص حافزًا دائمًا، فلا يَروقُني ما أجِدُه بالأسواق، ودائمًا ما أردِّد: لو كنتُ أجيد هذه الحرفة لأنتجتُ أفضل من ذلك بكثير.. أتمَنَّى أن أكون قد أوضحتُ الصُّورة، وأوصلت المعنى.

الجواب: أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. نُرحِّب بك أُختًا كريمة، ونسأل الله تعالى أن يعيننا على إرشادك إلى حلٍّ يكون سببًا في إصلاح شأنك.

 أختي الكريمة، لمَسْتُ في رسالتك حالةً من التشوُّش في رؤيتك لِذَاتك وتقييمك لإمكاناتك، وتحديد حاجاتك النَّفسية والعمليَّة، فبعد أن ذكرتِ رغبتَك في مجال الحاسوب، نوَّهْتِ بَعْدها برغبتك في دراسة الاقتصاد، ثم بيَّنْتِ ولعًا بتصميم الأزياء في نهاية الرِّسالة.. وهكذا، وإن هذا الأمر قد سبَّبَ لك تَخبُّطًا في اختيار المجال المناسب لِطُموحك، ومشاعِرَ سلبيَّة تجاه كلِّ شيء حولك؛ لذا فإنَّكِ بحاجة إلى إعادة النَّظَر في الأمور التالية:

- اعْمَلي على مراجعة ما قمْتِ به عمليًّا في حياتك؛ حيث إن ما ذكرتِه بإيجاز عمَّا قمْتِ به من أعمال هي أمور مهمة في تقييم مَسار حياتك إذا ما نظرْتِ إليها بشكل إيجابي، فأداؤك في مجال خدمات الكومبيوتر كان ناجحًا، وكذلك أسلوب تعاملك مع العميلات - كما وصفْتِه أنت - لكنَّك تركت هذا العمل رغبة منك، وليس بِدَافع الفشَل؛ فهذا النَّجاح في الأداء لا بُدَّ أن يُستثمَر في رفع مستوى تقييمك للذَّات؛ لأنَّه نجاح واقعي وعملي، كذلك الأمر في قيامك بتعليم القرآن الكريم للبراعم؛ حيث لاحظْتُ أنَّك تَصِفين هذا الأمر على أنه عمل عادي لا يستقطب اهتمامك، رغم أنه أمر غاية في العظَمَة إذا ما تغيَّرَت رؤيتُكِ له، وإذا ما استحضرْتِ في نفسك قولَ نبيِّنا المصطفى - عليه الصَّلاة والسَّلام -: ((خيركم من تعلَّم القرآن وعلَّمَه)).

 - إن قيامك بتعليم القرآن الكريم لا يمنعُك من الانخراط في مَجال عمَلٍ آخَر تَجِدين فيه رغبتك، ويحقِّق لك حاجاتك النَّفسية والمادِّية، فقط عليك بإحكام الموازنة في الأمور، ومراعاة ما هو متوفِّر ومتاح ومقبول.

 - إن عدم قيامك بهذه المراجعات الإيجابيَّة قد جعَلَك في حالة ملل، دفَعَكِ إليه استصغارُ ما قمْتِ وتقومين به من أعمال، وجعلك بعيدة عن (الرِّضا) الذي يقود إلى السعادة الحقيقية، واعلمي أيضًا أختي الكريمة أن هذا الخلل يكون سببًا في انعدام الثِّقة بالنَّفس الذي يؤدِّي في كثير من الأحيان إلى ضعْفِ - أو انعدامِ - الثِّقة بما لدَيْكِ من معلومات يَدْفع العقل أحيانًا إلى اختيار قرار (التَّناسي) - وليس النِّسيان - بشكل لا شعوري، كأحد الدِّفاعات النَّفسية لتجنُّب فشل مفترض.

 لذا، ومن مُجْمَل ما تمَّ ذِكْره من ملاحظات؛ أنصحُك - أختي الكريمة - بضرورة إعادة التقييم الذَّاتي بشكل إيجابي، والرِّضا بسرورٍ عن كُلِّ ما أُتِيح ويُتاح لك؛ لأنَّ ذلك سيَبْنِي في نفسك دوافِعَ أخرى إيجابية في نظرتك للمستقبل، ثم تحديد رؤية ذاتيَّة أكثر وضوحًا لإمكاناتك وحاجاتك.

 وأَخْتم يا أختي الكريمة، بدعاءٍ لله تعالى أن يُصْلِح شأنك كُلَّه، وينفع بك، ويجعلك ممن يَغْتنمون شبابهم قبل هرَمِهم، وصحَّتَهم قبل مرَضِهم، إنَّه تعالى سميع مجيب.

الكاتب: أ. شروق الجبوري

المصدر: موقع الألوكة